التهرب الضريبي في الرياضة.. مسكوت عنه يعيق مسلسل التنمية بالمغرب

23 يونيو 2023 - 03:30

جاء في ديباجة القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، “أن تنمية الرياضة هي اللبنة الجوهرية في مسلسل بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي، كما أنها تشكل أحد المشاريع المجتمعية الكبرى التي باشرها الملك محمد السادس، وتكتسي في الواقع أهمية بالغة بالنسبة لكل مجتمع يصبو إلى إشاعة قيم الوطنية والمواطنة والتضامن والتسامح وعليه تشكل الرياضة رافعة للتنمية البشرية ولتفتح كل شخص لاسيما الأشخاص المعاقين، وعنصرا مهما في التربية والثقافة وعاملا أساسيا في الصحة العمومية”.

وتضمنت الديباجة الدور الاجتماعي والاقتصادي للرياضة، الذي وإن بدا بديهيا فإنه الأكثر إقناعا لتدخل الدولة في هذا القطاع، لكون التربية البدنية وممارسة الأنشطة الرياضية تدخل في إطار الصالح العام وتنميتهما تشكل مهمة من مهام المرفق العام التي ينبغي على الدولة مع الأشخاص الآخرين الخاضعين للقانون العام أو للقانون الخاص القيام بها.

وينص النظام الضريبي المطبق على جمعيات المجتمع المدني، على أن “تخضع الجمعيات لنظام جبائي خاص يخول لها عدة امتيازات في مجال الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة وواجبات التسجيل والتمبر المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب وكذا فيما يخص الرسم المهني ورسم الخدمات الجماعية المنصوص عليهما في القانون رقم 06-47 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية”.

وتستفيد كذلك من نفس الامتيازات الجبائية السالفة الذكر، الهيئات المعتبرة قانونا في حكم الجمعيات غير الهادفة لتحقيق ربح والمنظمة بنصوص خاصة، نظرا لطبيعتها القانونية كأشخاص اعتبارية تتمتع بالاستقلالية المالية.

وينضاف موضوع التهرب الضريبي في مجال الرياضة إلى عديد المشاكل التي تحد من تطور منظومة الرياضة المغربية، خصوصا أمام فتح أوراش كبرى أبرزها ترشح المغرب لاحتضان منافسات كأس العالم 2030.

مغيب عن النقاش

اعتبر الباحث في المنازعات الرياضية، مصطفي يخلف، أن موضوع الضريبة والرياضة أو التضريب الرياضي في المغرب من المسائل البعيدة عن التداول في النقاش العمومي، “لأسباب هي لحد الآن غير معلومة مع العلم على أننا عندما نتحدث عن الشفافية وحسن التسيير ومأسسة التدبير الرياضي والشركات الرياضية، نكون مجبرين على أن نخضع كل ما يتعلق بالرياضة إلى قواعد العدل الضريبي المرتبطة بالمنتوج الاقتصادي والمالي والمنتوج الرياضي”.

وأضاف يخلف في حديثه لـ”العمق”: “الضرائب المفروضة على الأندية والشركات الرياضية لا تخرج عن ما هو متعارف عليه كالضريبة على الدخل، وهي المفروضة على الأشخاص الذين يحققون راتبا معينا أو دخلا وهي نفسها اقتطاعات حتى للموظفين من المنبع، وهناك ضريبة أخرى الضريبة على الدخل أي على القيمة المضافة”.

وأشار الباحث في المنازعات الرياضية إلى الضريبة على الملكية، قائلا: “مثلا شركة رياضية أو جمعية رياضية لها أصول ثابتة إما مباني أو عقارات أو مرافق رياضية ثابتة يعني غير متحركة. والضريبة على الرسم على التكوين المهني، وهي ضرائب يمكن أن نقول بشكل عام تطبق في الجانب الرياضي، خصوصا حين نتحدث عن الضريبة على الدخل، بطبيعة الحال نتحدث عن الضريبة على العقود الخاصة باللاعبين والمدربين وبالتالي فإن المستخدم سواء جمعية أو شركة رياضية هو المسؤول على احتساب ودفع الضريبة على الأجور والرواتب لحساب اللاعبين والمدربين ويسلمها للإدارة الضريبية المعنية”.

الالتزام الضريبي

أما عن وفاء الشركات الرياضية في المغرب في أداء الواجبات الضريبية، قال يخلف: “معلوم بأن أغلبية الشركات الرياضية والجمعيات تعاني مشاكل مالية، وهو ما يجعل إمكانية وجود نوع من الإخلال في الالتزام بالواجب الضريبي واردة”، موضحا أن الضريبة “واجب تضامني ليس فيه استثناءات أو تفضيل فريق على آخر”، مشيرا إلى أنه للحد من هذا الإخلال -التهرب الضريبي- هناك غرامات ودعائر وإمكانيات المصادرة والحجز على الحسابات البنكية وعلى الممتلكات الخاصة بالشركات الرياضية.

وعن وجود أدوار للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قال يخلف: “يمكن لها أن تلعب دورا مهما جدا في فرض قوانين وأنظمة، وتجعل مشاركة الأندية في البطولة الوطنية الاحترافية رهينة بوجود وثيقة الإبراء الضريبي، الذي سيكون بمثابة إجرائي وفاء بأداء الضريبة، كما يمكن لها كذلك أن تساهم عن طريق المنشورات وعن طريق الخطوات التكوينية والتحفيز لخلق وعي جماعي”.

تجريم التهرب 

من جانبه أوضح الباحث في العلوم القانونية والإدارية والمالية، محمد معاش، أن المغرب لجأ متأخرا إلى تجريم التهرب الضريبي، “إذ لم يسن مقتضيات مجرمة لهذا السلوك إلا مع قانون المالية لسنة 1996 – 1997 حيث تبنى المشرع المغربي أول مرة مبدأ تحريم ممارسة التهرب الضريب”.

وأضاف معاش، على المستوى الحالي فالتهرب الضريبي يعاقب عليه بمقتضى المادة 187 من المدونة العامة للضرائب برسم قانون المالية لسنة 2023، والتي تنص على أن ” تطبق غرامة تساوي 100% من مبلغ الضريبة المتملص منها على كل شخص ثبت أنه ساهم في أعمال تهدف إلى التملص من دفع الضريبة، أو ساعد الخاضع للضريبة أو أشار عليه بخصوص تنفيذ الأعمال المذكورة، بصرف النظر عن العقوبة التأديبية إذا كان يمارس وظيفة عمومية”.

حصر العقوبات

ولاحظ الباحث في العلوم القانونية والإدارية والمالية، أن العقوبات المتعلقة بالمساهمة في التهرب الضريبي محصورة في الغرامة فقط، دون أن تمتد إلى العقوبات السالبة للحرية، مشيرا إلى أن المادة 192 من ذات المدونة نصت على أنه بصرف النظر عن الجزاءات الضريبية المنصوص عليها في المدونة، “يتعرض لغرامة من خمسة آلاف درهم إلى خمسين ألف درهم كل شخص ثبت في حقه الإفلات من إخضاعه للضريبة أو التملص من دفعها أو الحصول على خصم منها أو استرجاع مبالغ بغير حق، استعمال إحدى الوسائل التي عدتها المادة”.

وأكد معاش في حديثه لـ”العمق”، “أنه على خلاف المادة 187 نصت المادة 192 على عقوبة حبسية من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر، فيما أوضحت المادة 231 من المدونة أن عقوبة الحبس المقررة في المادة المشار إليها المادة 192، لا يمكن أن تطبق إلا على الشخص الطبيعي الذي ارتكب المخالفة أو على كل مسؤول ثبت أن المخالفة ارتكبت بتعليمات منه وبموافقته”.

وأشار الباحث في العلوم القانونية والإدارية والمالية، “الذي يظهر من خلال كل ما سبق الحديث عنه أن منظومة ردع التهرب الضريبي بالمغرب ما تزال بحاجة إلى تجويدها بالرفع من الغرامات وتشديد العقوبات على المتملصين وذلك لما لهذا السلوك من تأثير على مالية الدولة”. إقرأ المزيد : https://al3omk.com/?p=852346&preview=true

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

أسود القاعة يبلغون نهائي كأس إفريقيا ويضمنون مقعدا في كأس العالم

الدكيك: المباراة ضد منتخب ليبيا تم الإعداد لها بـ”دقة وانضباط”

“أسود القاعة” يواصلون عروضهم القوية أمام غانا ويبلغون نصف نهائي “كان الفوتسال”