تأهبا لكأس العالم.. هل تحتاج المنظومة القانونية الرياضية بالمغرب إلى تطوير؟

21 سبتمبر 2023 - 05:00

جاء في ديباجة القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية، “أن الرياضة الوطنية عانت منذ عدة سنوات من العديد من الاختلالات شكلت عائقا لمسلسل تعزيز الديمقراطية والتنمية الاجتماعية والبشرية وبدت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال غير كافية أو غير دقيقة بالنسبة لتنظيم وتسيير الشأن الرياضي الذي أصبح في الوقت الراهن خاضعا للعولمة وفي تطور سريع، مما يقتضي إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للرياضة، والتي تتجسد في إعداد هذا القانون الذي يرمي إلى جعل الرياضة ركيزة من ركائز النموذج الاجتماعي المغربي وعاملا لإشعاع المغرب على المستوى العالمي”.

عانى القانون 30.09 من سوء فهم وتنزيل مضامينه وعدم الإهتمام بنصوصه في كثير من الحالات التي توضح بالملموس إفتقار الأندية الوطنية لثقافة التنزيل الدقيق لمضامين النصوص القانونية المؤطرة للرياضة من أجل الإسهام في جودة الممارسة الرياضية والرقي بها وجعلها ركيزة أساسية للتنمية والنمودج المغربي على المستوى العالمي.

يطرح هذا التجاهل وسوء التقدير وصعوبة التنزيل أحيانا والتباين الحاصل بين الممارسة الرياضية في علاقتها بالقانون إشكالات عديدة أهمها عدم مواكبة الفاعل الرياضي للمستجدات التشريعية المرتبطة بالرياضة رغم مرور 14 سنة على مرور القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية، و15 سنة على الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية بالصخيرات سنة 2008، كما أن ترشح المغرب لاحتضان منافسات كأس العالم 2030 تعيد طرح سؤال تطوير المنظومة القانونية الرياضية إلى الواجهة.

الترافع البرلماني

وجه البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد غيات سؤالا شفويا بتاريخ 24.01.2023 أكد فيه أن القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة جاء ترجمة للتوجيهات الملكية السامية التي تضمنتها الرسالة التي وجهها الملك خلال المناظرة الوطنية الثانية للرياضة سنة 2008، مؤكدا أنه يسعى هذا القانون إلى التوفيق بين النظام القانوني للرياضة المغربية مع المستجدات التي تعرفها الساحة الدولية.

وأضاف غيات، "وفي هذا الإطار، التزمت الحكومة بمضاعفة الجهود لتأهيل التشريع الرياضي، وهو ما يستدعي ضرورة ملاءمة الإطار القانوني والتنظيمي، لاسيما القانون رقم 30.09، مع مقتضيات الدستور، والعمل على مراجعته بما يمكن من تجاوز العوامل التي تعيق تنفيذه الفعلي وضمان إصدار جميع المراسيم التطبيقية ذات الصلة من أجل تطوير المنظومة القانونية الرياضية الوطنية"؟.

من جهنه رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد كان قد وجه سؤلا شفويا بتاريخ 07.03.2022 مؤكدا أن القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة، أفرد قسما خاصا يتعلق بالمراقبة الطبية، يلزم الجمعيات الرياضية والشركات الرياضية ومراكز التكوين الرياضي والمؤسسات الخاصة للرياضة وللتربية البدنية، بالتعاقد مع طبيب أو عدة أطباء مرخص لهم في مزاولة مهنتهم بصفة قانونية وبإعطاء الأولوية للأطباء الاختصاصيين في الطب الرياضي".

وأشار شهيد، إلى "أن غياب الأطباء عن العديد من المنافسات الرياضية (أقسام الهواة لكرة القدم نموذجا)، يمكن أن يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تسجيل حالات الوفيات في صفوف اللاعبين إثر الاصطدامات القوية المفضية إلى الموت لا قدر الله، سيما في ظل النقص المسجل في الدورات التكوينية الخاصة بالإسعافات الأولية، الأمر الذي يتعارض مع القانون المذكور أعلاه".

وأكد البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، إسماعيل الزيتوني، في سؤالا شفويا بتاريخ 24.01.2023 موجه إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أنه في ظل النهضة الرياضية التي تعرفها بلادنا، خاصة بعد تألق المنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس العالم قطر 2022، غير أن هذه النهضة الرياضية، لازالت تصطدم بواقع تعقد المساطر والتأخر الكبير في الحصول الجمعيات الرياضية على الملائمة والمصادقة على قانونها الأساسي، وفق مقتضيات قانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة الشئ الذي لا يخدم الرياضة ببلادنا".

أولى مقترحات التعديل 

بعد 13 سنة من العمل بالقانون 30.09 وضعت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب مقترح قانون يهدف إلى ملاءمة القانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة مع مقتضيات دستور سنة 2011، خاصة أنه صدر قبل الدستور الجديد الذي جاء بمقتضيات جد متقدمة على مستوى الحريات العامة، واستقلالية العمل الجمعوي.

ويروم مقترح القانون الجديد إلى الحق في الحصول على المعلومة، وتقوية المقاربة التشاركية وتوسيع صلاحيات المجالس المنتخبة والجهوية الموسعة، وتقوية صلاحيات مؤسسات الحكامة، كما يهدف إلى تحويل العضوية من فعلية إلى شرفية في اللجنة الوطنية الأولمبية لكل مغربي حصل على العضوية في اللجنة الأولمبية الدولية بهدف تكريس المنهج الديمقراطي، وكذا تكريس مبدأ حرية التصرف للجمعيات الرياضية طبقا الدستور، وتبسيط شروط تأسيس الشركات الرياضية.

وتضمن مقترح القانون تطوير التعليم والتكوين الرياضي والممارسة وتنزيل توصية المجلس الأعلى للحسابات حول ضعف مداخيل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من تفويت حقوق البث للأنشطة الرياضية، وتكريس مبدأ إخضاع جميع المعاملات لقانون الالتزامات والعقود، وتقليص سن الممارسة الرياضية إلى 10 سنوات، وكذا حذف الشروط التي يمكن أن تحد من ولوج الصحافيين ووسائل الإعلام للملاعب الرياضية.

تعديل القانون والمحاكم 

وقدم الفريق الحركي بمجلس النواب ثاني مقترح قانون لتعديل وتتميم قانون التربية البدنية والرياضة 30.09، بعد 14 سنة على صدوره، معتبرا أن القانون القديم أصبح متجاوزا في ظل المستجدات الدستورية والتطورات التي عرفتها وتعرفها منظومة الرياضة الوطنية، وأنه يسعى للتنصيص على ضمان إنخراط الرياضيين في نظام التغطية الصحية والاجتماعية على ضوء القانون الإطار للحماية الاجتماعية.

واقتراح قانون الفريق الحركي مقتضيات لتوسيع قاعدة التنافي لتشمل التنافي بين تحمل المسؤولية في رئاسة وعضوية مكاتب الجمعيات الرياضية والجامعات الرياضية الوطنية والعصب الاحترافية والعصب الجهوية للهواة وباقي الهيئات الرياضية وبين الرئاسة والعضوية في البرلمان والجماعات الترابية والغرف المهنية.

وأوضح مقترح القانون أنه على الرغم من التطور البنيوي والوظيفي للرياضة الوطنية فإن المنظومة القانونية لازالت بعيدة عن مواكبة هذا التطور واستيعاب المستجدات التي يعرفها هذا القطاع الاستراتيجي في بعدها الإيجابي أو من حيث الممارسات السلبية التي تسيئى إليه، بحيث أنه لازال مؤطرا بالقانون رقم 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة الصادر بتاريخ 14 غشت 2010 والذي تعتريه، حسب المقترح، مجموعة من الفراغات القانونية والتنظيمية.

وأوضح أنه بادر إلى تقديم هذا المقترح الرامي إلى تغيير وتتميم بعض المواد في القانون السالف الذكر بغية تجويد الحكامة في المؤسسات الرياضية وملاءمته مع المستجدات الدستورية وكذا ترسيخ وتعزيز خيار استقلالية مختلف المؤسسات والهيئات الرياضية الوطنية والجهوية عبر توسيع قاعدة التنافي، وتجويد الحكامة المالية لهذه الهيئات وتعزيز أدوار الرياضة المدرسية والجامعية واقتراح أليات لمأسسة الرياضة المحلية.

وكان الفريق الحركي بمجلس النواب قدم مقترح قانون يقضي بإحداث محاكم رياضية للنظر في القضايا والمنازعات الرياضية أو النزاعات التي تكون الرياضة طرفا فيها كما هو حاصل في عدة تجارب دولية.

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

أسود القاعة يبلغون نهائي كأس إفريقيا ويضمنون مقعدا في كأس العالم

الدكيك: المباراة ضد منتخب ليبيا تم الإعداد لها بـ”دقة وانضباط”

“أسود القاعة” يواصلون عروضهم القوية أمام غانا ويبلغون نصف نهائي “كان الفوتسال”