إنجاز كروي وإخفاق رياضي.. ماذا حقق المغرب في 25 سنة من عهد الملك على المستوى الرياضي ؟

30 يوليو 2024 - 08:00

على مدار 25 سنة من عهد الملك محمد السادس، عرفت الرياضة المغربية تطورا ملحوظا سواء على مستوى النتائج والإنجازات المحققة أو على الصعيد التشريعي والقانوني أو من خلال تطوير البنيات التحتية وإشعاع المملكة على المستوى الدولي.

وأولى الملك محمد السادس اهتماما خاصا لقطاع الرياضة إذ أصبح هذا الأخير من ورشا تنمويا فعالا يساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث ركز المغرب طيلة 25 سنة الماضية على تعبئة كافة الموارد لتشييد البنيات التحتية والتجهيزات الرياضية بمعايير دولية فضلا عن  لتكوين الأبطال في مختلف الأصناف الرياضية ذات المعايير الدولية.

وكرس دستور سنة 2011 مكانة الرياضة كحق أساسي وتحديد دور ومسؤولية الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية في تأطير الممارسة الرياضية، في وقت أوضح فيه الباحث في السياسات الرياضية مصطفى يخلف، أن "عاهل البلاد انتقل من النقد البناء إلى الفعل المؤسس للتصور واستراتيجيات العمل والمتمثل في تدشين سنة 2009 أكاديمية محمد السادس لاكتشاف المواهب الكروية ومساعدة لاعبي كرة القدم بالمغرب الوصول إلى طموحاتهم واللعب بالدوري الاحترافي، وهو ما يجسد حب الملك لكرة القدم وشغفه الشخصي بها وبجاذبيتها الساحرة، وفق تعبيره.

وأبرز يخلف، في تصريح لجريدة "العمق" أن "هذا الأمر تجسد في العناية بالرياضيين واستقبال أمهات الفريق الوطني العائد من ملحمة قطر والاهتمام في النجوم الجدد ومواكبة عمليات التنقيب عليهم دوليا ووطنيًا لإعطاء كل الضمانات القادرة على تثبيت المسار والاختيار الديمقراطي والحقوقي والإنساني في كرة القدم المغربية".

وذكر الباحث في السياسات الرياضية أن "الملك أصدر أمرا في الظهير الشريف رقم 1.10.150 القاضي بتنفيذ القانون 30.09 ونشره بالجريدة الرسمية، وهو ما يبرر، وفق تعبيره، المساهمة الملكية في تشريع القانون الرياضي بالمغرب من خلال المحطة النهائية له والمتمثلة في مسطرة تنفيذ القانون".

وتابع: "ولأن ثقة عاهل البلاد في الإمكانيات الرياضية والكروية التي يتمتع به المغاربة كبيرة، فقد تم اختيار المنهجية التشاركية بين كافة مؤسسات الدولة ومبادرات الأفراد وكفاءات الأطر المغربية، لجعل الرياضة قاطرة للتنمية وعنصرا للتلاحم الاجتماعي ورافعة للإصلاح الرياضي والاقتصادي المتفرع الأبعاد بغاية الاستجابة لتطلعات الجماهير المغربية داخل المغرب وخارجه".

ثورة رياضية

أكد المحلل الرياضي، المهدي كسوة، أن المغرب عاش على مدى 25 سنة من عهد الملك محمد السادس على وقع "ثورة رياضية"، مشيرا إلى أن نجاحات المغرب الرياضية أصبحت مرتبطة بنجاح اقتصادي وسياسي، خاصة مع التظاهرات الدولية التي نظمتها المملكة وستواصل في احتضانها خلال السنوات المقبلة، معددا إيجابيات تنظيم التظاهرات الدولية من قبيل خلق مناصب الشغل والإشعاع الاقتصادي والسياسي.

وفي هذا الصدد، اعتبر كسوة، في تصريح لجريدة "العمق" أن "هذه النتائج غيرت الواقع الرياضي بالمغرب بنسبة 180 درجة على مستوى العقليات والمفاهيم والتدبير العائلي في التعامل مع أطفالها في التعاطي مع كرة القدم، فضلا عن الانفتاح الكبير للمملكة والتطور الذي تعرفه البنيات التحتية والاستثمار في العامل البشري".

من جهته، شدد الباحث في السياسات الرياضية أن على أن "المبادرات الملكية في مجال كرة القدم امتزج فيها ما هو مؤسساتي مستمد من صلاحيات الملك الدستورية والتي ساهمت في التشخيص والتشريع والتنفيذ وضمان التعهدات الدولية ومنها خاصة تنظيم كأس العالم 2030 وكاس افريقيا 2025 إلى ما هو  شخصي وإنساني".

الرسالة الملكية ومناظرة الصخيرات 2008

شكلت الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية حول الرياضة بالصخيرات التي نظمت في أكتوبر 2008، الأسس والخطوط العريضة لسياسة رياضية وطنية طموحة قادرة على بلوغ الأهداف المسطرة.

وشدد الملك في الرسالة المذكورة على أن قطاع الرياضة يحظى لديه بـ"بالغ العناية والاهتمام"، مؤكدا "ضرورة تكريس ممارسة الرياضة كحق من الحقوق الأساسية للإنسان وتسهيل الولوج إليها للرجال والنساء من جميع شرائح المجتمع".

ومما جاء في الرسالة الملكية: "إن الوضع المقلق لرياضتنا الوطنية، على علاته الكثيرة، يمكن تلخيصه في إشكالات رئيسية، وهي بإيجاز: إعادة النظر في نظام الحكامة المعمول بها في تسيير الجامعات والأندية، وملاءمة الإطار القانوني مع التطورات التي يعرفها هذا القطاع، وكذا مسألة التكوين والتأطير، ومعضلة التمويل، علاوة على توفير البنيات التحتية الرياضية، مما يقتضي وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد للنهوض بهذا القطاع الحيوي".

وتابع الملك في الرسالة ذاتها: "ولتجاوز الأزمة الحالية، فإنه يتعين وضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع الرياضي، يقوم على إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحترافية ودمقرطة الهيآت المكلفة بالتسيير. إن الوضع يتطلب، قبل كل شيء، اتخاذ التدابير المؤسساتية والقانونية الملائمة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الرياضة العالمية، ولاسيما متطلبات تطوير الاحترافية".

وتابعت الرسالة الملكية إلى المناظرة الوطنية للرياضة: "إننا نهيب بكافة الفاعلين المعنيين بهذا القطاع، أن يتناولوا الموضوع بروح عالية من المسؤولية والجد والالتزام والثقة في الذات وفي المؤهلات وبكثير من الطموح والتفاؤل، غايتكم المثلى، الاجتهاد في بلورة أفضل السبل، لوضع استراتيجية وطنية للرياضة المغربية في إطار رؤية جماعية مسؤولة".

وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث في السياسات الرياضية، مصطفى يخلف، أن الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات سنة 2008 شكلت لحظة فارقة في التشخيص العام والتدقيق الخاص بقطاع الرياضة والمنتسبين إليه.

يخلف أكد، في تصريح لجريدة "العمق"، أن الرسالة الملكية جاءت واضحة من حيث تثبيت المراكز ووصفها أوصافا لا تقبل أكثر من فهم واحد من قبيل "المرتزقة بالقطاع الرياضي" الاختلالات بالمشهد الرياضي، التدهور الرياضي، الارتزاق، المصلحة الشخصية".

ووفق المتحدث ذاته، فقد اعتبر الملك، في الرسالة ذاتها، "كل من انطبق عليه أحد هده الأوصاف أو مرادفاتها فهو متورط في ما وصلت إليه الرياضة المغربية من اضطرابات وكساد وتدهور ويجب أن يخضع للمحاسبة".

وتابع: "لأن الملك طبقًا للفصل 42 من الدستور هو الحكم الأسمى بين مؤسسات الدولة والساهر على حسن سيرها، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي وحقوق وحريات المواطنين أفرادا وجماعات وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة، فقد ساهم شخص الملك لإيمانه بشغف المغاربة بالرياضة وكرة القدم خاصة، في تحديد الاختلالات ومكامن وأسباب تدهور الرياضة".

وركز الملك، حسب يخلف، على كل المستويات من قبيل هشاشة الإطار القانوني وعدم ملائمته مع المستجدات الدولية، وقلة العنصر البشري المتخصص والمتمكن من فهم المنظومة وفق التطورات العالمية، بالإضافة إلى ضعف الشفافية والنجاعة والابتعاد عن الديمقراطية بالهيآت الرياضية.

مركب وأكاديمية محمد السادس

لا شك أن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي دشنها الملك سنة 2010 بسلا الجديدة، ساهمت في الإشعاع المغربي الرياضي على المستوى الدولي، حيث كانت السر وراء النجاح والتألق اللافت للمنتخبات الوطنية على المستويين العالمي والقاري.

وعززت الأكاديمية بروز اللاعبين المغاربة في أوروبا خلال السنوات الماضية، حيث تخرج منها أبرز اللاعبين المغاربة الحاليين على رأسهم يوسف النصيري، ونايف أكرد، وعز الدين أوناحي، وغيرهم من النجوم والعناصر المؤثرة في الكرة المغربية.

وتهدف الأكاديمية للنهوض بكرة القدم الوطنية وتطويرها من خلال انتقاء وتكوين لاعبين موهوبين، علما أن عددا من خريجها يشكلون اليوم العمود الفقري للمنتخب الوطني لكرة القدم الذي تأهل إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022 لأول مرة في تاريخ كرة القدم العربية والإفريقية.

كما يعد مركز محمد السادس لكرة القدم، من أفضل المنشآت الرياضية في القارة الإفريقية حيث يتوفر على ملاعب من الجيل الجديد، ومرافق رياضية وطبية مكنته من احتضان معسكرات لمنتخبات وفرق عالمية، بداية بجميع الفئات السنية للمنتخبات الوطنية المغربية.

وجرى تشييد مركز محمد السادس لكرة القدم، على مساحة 30 هكتارا، ويحتوي على بنية تحتية من الجيل الجديد وتجهيزات حديثة ومتطورة، تستجيب لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم، كما يتوفر على 66 غرفة و4 أجنحة مخصصة للمنتخب المغربي الأول، و3 وحدات للإيواء بطاقة استيعابية تبلغ 150 سريرا للمنتخب المغربي لأقل من 23 عاما وللمنتخب المغربي لأقل من 20 عاما، و 45 غرفة بطاقة استيعابية تبلغ 80 سريرا.

ويتوفر المركب أيضا، على أربعة ملاعب لكرة القدم بالعشب الطبيعي، وثلاثة بالعشب الاصطناعي، وملعبا مغطى لكرة القدم، وملعبا لكرة القدم بالعشب الهجين، وقاعة إعادة التأهيل بإمكانها استضافة مباريات لكرة القدم داخل القاعة، ومسبحا أولمبيا في الهواء الطلق، وملعبين لكرة المضرب، وملعبا لكرة القدم على الشاطئ.

بنيات تحتية عالمية واحتضان تظاهرات دولية

أولى المغرب على مدار الـ25 سنة الماضية عناية خاصة بتعزيز البنيات التحتية الرياضية وتشييد ملاعب وتجهيزات رياضية تستجيب للمعايير الدولية ما أهله لاحتضان تظاهرات دولية خاصة على مستوى كرة القدم وألعاب القوى.

وفي هذا الصدد، أكد المحلل الرياضي، مهدي كسوة، أن المغرب أصبح علامة فارقة على مستوى البنيات التحتية في القارة العالمية والعالم العربي من خلال رؤية مستنيرة للملك محمد السادس الذي وضع، وفق تعبيره، اللبنات الأساسية طيلة 25 سنة لهذا التطور، فضلا عن العمل الدؤوب لتحقيق الأهداف المسطرة.

وحرصت المملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، على تشييد عدد من الملاعب والتجهيزات الرياضية من قاعات مغطاة و5 ملاعب دولية تستجيب لمعايير الاتحاد الدولي "فيفا"، كما تم تشييد مجمعات وقرى الرياضية في مختلف المدن، فضلا عن مئات ملاعب القرب في مختلف المدن والقرى والأقاليم المغربية.

كما انطلقت أشغال بناء ملعب لألعاب القوى بمدينة الرباط، بسعة 20 ألف مقعد، ومضمار بـ8 ممرات و9 ممرات في مسافة 110 متر، بجوار المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، حيث سيتوفر الملعب على مرافق متعددة تتمثل في مستودعات وقاعة للمؤتمرات الصحفية، وقاعة اجتماعات، وأماكن خاصة بوسائل الإعلام وأخرى لكبار الشخصيات "VIP"، بالإضافة إلى مرافق صحية ومكاتب إدارية، وصالات رياضية وأخرى للإحماءات.

وأطلق المغرب مشاريع لبناء ملاعب وقاعات خاصة بمختلف الرياضات، حيث بدأت الأشغال بموقع بناء مشروع ملعب الهوكي الجديد بمدينة الرباط، الذي سيصبح الأكبر على المستوى القاري، إذ ينتظر أن تشمل عددا مهما من المقاعد المخصصة للجماهير المهتمة بمتابعة اللعبة المذكورة، مع الاستجابة لدفتر تحملات الاتحاد الدولي لهوكي الجليد.

كما تم مؤخراً الكشف عن تصميم مشروع ضخم لإحداث حلبة سباق الخيول بالعاصمة الرباط بكلفة إجمالية تناهز 14 مليار سنتيم، حيث يعد المغرب من البلدان التي يحظى فيها سباق الخيل بمتابعة عشاق هذه الرياضة، حيث يقام أكثر من 1800 سباق للخيل في السنة، حسب أرقام رسمية.

كما أشرف الملك محمد السادس سنة 2014 بحي الزياتن بمدينة طنجة، على إطلاق مشروع قرية رياضية بمواصفات دولية، حيث تتكون من قاعات مغطاة متعددة الاختصاصات، ومسبح أولمبي ومركب لكرة المضرب، وملاعب قرب خاصة بأنواع كرة القدم، السلة، والطائرة والكرة الحديدية، وثانوية رياضية ومضمار للجري، وفندقين، ومصحة رياضية، ومنطقة ترفيهية تضم متجرا مخصصا للوازم الرياضية،

وأشرف الملك محمد السادس، على تدشين المسبح نصف الأولمبي، بمنطقة سيدي يوسف بن علي بالمدينة الحمراء مراكش، حيث يستقبل هذا الصرح تظاهرات رياضية وطنية ودولية نظرا لخضوعه للمعايير المعتمدة في إنجاز هذا النوع من المسابح.

إلى ذلك، راكم المغرب تجارب كبيرة في تنظيم الاستحقاقات الرياضية، حيث استضاف خلال السنوات القليلة الماضية عدة مسابقات قارية ودولية، مثل كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات في يوليوز 2022، وكأس إفريقيا لكرة القدم تحت 23 سنة خلال الشهر نفسه من 2023.

وأصبح المغرب أيضا قبلة للعديد من الملتقيات والاجتماعات القارية والدولية المتعلقة بالرياضة، حيث نظم الاتحاد الدولي لكرة القدم اجتماعات اللجنة التنفيذية الأولى بين 15 و19 يناير سنة 2019، في مدينة مراكش.

واحتضن المغرب لقاءات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، مثل اجتماع المصادقة على إنشاء "دوري السوبر الإفريقي"، وذلك عقب اجتماع عقده أعضاء المكتب التنفيذي في يونيو 2021، بمدينة الدار البيضاء، وآخر في العاصمة الرباط، وذلك على هامش كأس أمم إفريقيا للسيدات التي استضافتها المملكة في يونيو 2022.

واستضاف مركز محمد السادس لكرة القدم بالرباط غدا الخميس، اجتماعا ثلاثيا يضم رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم فوزي لقجع، مع نظيريه الإسباني بيدرو روشا والبرتغالي فيرناندو غوميز، للإعلان الرسمي عن الملف المشترك لاحتضان مونديال 2030.

وفي هذا الصدد، أشار مهدي كسوة، في تصريح لجريدة "العمق" إلى أن المملكة باتت تمتلك شخصية كبيرة على مستوى تنظيم التظاهرات العالمية، حيث أصبح المغرب، على حد تعبيره، قاطرة رياضية منفتحة ببعد عالمي، مذكرا في هذا الصدد بالأهمية الاقتصادية من تنظيم كأس العالم سنة 2030.

مونديال 2022.. إعجاز كروي

لا يختلف اثنان على أن أفضل ما حققه المغرب خلال 25 سنة من حكم الملك محمد السادس على المستوى الرياضي هو بلوغ نصف نهائي كأس العالم بقطر سنة 2022، كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز غير المسبوق.

وسيظل مونديال قطر خالدا في ذاكرة كرة القدم العربية، بعدما أصبح من جهة أول نسخة تنظم في دولة عربية وبطريقة أبهرت العالم، ثم بلوغ المنتخب الوطني المغربي نصف نهائي المونديال بعد تجاوزه لمنتخبات كبيرة من قبيل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، ولم يفز أي منتخب إفريقي بأكثر من المباريات التي حقق فيها الأسود انتصارا في نسخة واحدة من كأس العالم، كما وصل وليد الركراكي إلى نصف نهائي المونديال بعد ثماني مباريات فقط مع المنتخب المغربي.

وانطلقت مسيرة كتيبة الركراكي في كأس العالم بتعادل سلبي أمام منتخب كرواتيا، وصيف النسخة السابقة، قبل أن يحقق انتصارا تاريخيا أمام بلجيكا بهدفين دون رد، ليواصل سلسلة انتصاراته ويكسب كندا بهدفين لهدف، وينجح في التأهل لثمن النهائي متصدرا لمجموعته للمرة الأولى في تاريخ أسود الأطلس منذ نسخة 1986 بالمكسيك.

وتواصل مشوار النخبة الوطنية بامتياز في الدور ثمن النهائي حيث نجح المنتخب المغربي في إقصاء نظيره الإسباني عن طريق ركلات الترجيح بعد تعادل الفريقين سلبا دون أهداف في الأشواط الأصلية والإضافية.

وتسلح الأسود بما حققوه بالبطولة حين واجهوا البرتغال في ربع نهائي، التي نجحوا في الإطاحة بها برأسية وارتقاء مذهل للدولي المغربي يوسف النصيري، قاد بها المغرب لمربع الكبار ليضرب زملاء أشرف حكيمي الموعد في مباراة النصف مع المنتخب الفرنسي، بطل العالم آنذاك.

وعلى الرغم من انتهاء رحلتهم في دور النصف على يد فرنسا بهدفين نظيفين وخسارتهم في مباراة الترتيب على يد منتخب كرواتيا، فإن "الأسود" حظوا باستقبال الأبطال لدى وصولهم للرباط، بعد أن استقبلهم مئات الآلاف من المغاربة، كما تم توشيحهم بأوسمة سامية من طرف الملك محمد السادس.

وكان من أبرز المشاهد تأثيرا خلال مباريات المونديال، صور اللاعبين المغاربة مع عائلاتهم وبروز دور الأسرة ومكانة الوالدين في الثقافة المغربية، قبل أن يتوج هذا الإنجاز باستقبال اللاعبين رفقة أمهاتهم من طرف الملك محمد السادس بالقصر الملكي بالرباط وجولة على متن حافلة مكشوفة من مطار الرباط سلا جابت أهم شوارع العاصمة بحضور آلاف المغاربة.

واعتبر عدد من الخبراء أن "المغرب قدم صورة حضارية تجاوزت كرة القدم لتتحول اللعبة إلى ظاهرة اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية تجاوزت الحدود والفواصل ورسخت تعزيز الهوية المغربية بكل مكوناتها، وبالتالي أصبحت الساحرة المستديرة دعامة للتنمية المستدامة للبلاد وتحولت إلى خطاب يؤثر على المتلقين من أجل استخلاص الدروس على الصعيد الداخلي لا بل قوة ناعمة لتحقيق مكاسب خارجية".

مونديال "2030" و"كان 2025".. اعتراف عالمي

قررت المملكة المغربية، للمرة السادسة في تاريخها، التقدم بطلب الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، في ملف مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال، كأول ملف في تاريخ كرة القدم بين دول من قارتين مختلفتين.

كما فاز المغرب بتنظيم كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025، بعد أشهر قليلة من إعلان عزمه الترشح لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 في ملف مشترك مع إسبانيا والبرتغال، فضلا عن ترشحه لتنظيم كأس العالم لكرة الصالات 2024 وكأس العالم للأندية سنة 2029، مع تنظيمه لكأس إفريقيا للسيدات وكأس إفريقيا لأقل من 23 سنة.

ففي مارس 2023، أعلن الملك محمد السادس قرار بلاده الترشح المشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030، ليكون "سابقة في تاريخ كرة القدم عنوانها الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي".

ويبدو احتضان المونديال فرصة “لتعزيز القوة الناعمة للمغرب وقدرته على استقطاب مستثمرين وسياح أجانب” فضلا عن تقوية حضوره في القارة الإفريقية التي تجمعه بها 44 اتفاقية شراكة في إطار “دبلوماسية الكرة”، فيما أكد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، أن المغرب “سيكون في الموعد”، مضيفا أن “هذه النسخة ستكون، كما أرادها الملك محمد السادس، الأفضل في تاريخ هذه التظاهرة”.

إلى ذلك، فاز المغرب بحق استضافة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم لعام 2025، حيث ستحتضن المملكة المغربية النهائيات القارية للمرة الثانية في تاريخه بعد نسخة 1988، في وقت اعتبر فيه، باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أن ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 "ليس ترشحاً لدولة إفريقية لكنه ترشحٌ لإفريقيا كلها.

ألقاب فردية وبطولات للأندية والمنتخبات

حقق المغرب ألقابا عديدة خلال السنوات القليلة الماضية، سواء على مستوى المنتخبات الوطنية أو على مستوى الأندية، مع وصوله لنهائي كأس إفريقيا سنة 2004 وخسارته في المشهد الختامي أمام مستضيف البطولة، المنتخب التونسي، فضلا عن بعض الألقاب القليلة في الأنواع الرياضية الأخرى.

وفي هذا السياق، شدد المهدي كسوة على أن "المغرب يعيش على وقع في نجاحات كبيرة عرفتها الرياضة المغربية في السنوات الأخيرة على جميع الأصعدة، مؤكدا أن الظروف أصبحت مواتية لتحقيق الإنجازات الرياضية بفضل البينات التحتية المتطورة التي شيدها على مدار 25 سنة الماضية، من خلال الملاعب المتوفرة والفنادق والمواصلات والموانئ والمطارات وغيرها".

وفي عهد الملك محمد السادس، ضمن المنتخب الوطني المغربي تأهله لنهائيات كأس العالم في مناسبتين متتاليتين، وذلك خلال مونديال 2018 بروسيا وخروجه من دور المجموعات فضلا عن بلوغ نصف نهائي كأس العالم بمونديال قطر 2022، وبات قريبا من التأهل لنسخة 2026 التي ستقام للمرة الأولى بـ48 منتخبا بشكل مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.

إلى ذلك، فاز المنتخب المغربي بنهائي كأس العرب لكرة الصالات خلال يونيو 2023، حيث بات يحتل المرتبة 8 دوليا في هذا الصنف، كما توج المنتخب المغربي لكرة القدم داخل الصالات بكأس العرب في السعودية خلال مايو 2022، وبلقب الدوري القاري خلال شتنبر 2022، بعد تغلبه على إيران.

كما تأهل المنتخب المغربي النسوي إلى الدور الثاني من كأس العالم لكرة القدم التي جرت بأستراليا ونيوزلندا خلال غشت 2023، في أول تجربة لمنتخب عربي، وحل المنتخب المغربي للسيدات بالمرتبة الثانية في نهائي كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، بعد منتخب جنوب إفريقيا في 23 يوليو 2022، بمدينة الرباط.

ومنذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في يوليوز 1999، توجت الأندية المغربية بـ 17 لقبا قاريا وهي ثاني أكثر الأندية تتويجا في القارة السمراء بعد نظيرتها المصرية، إذ تمكنت 6 فرق مغربية من التتويج بالبطولات الإفريقية منذ 1999.

ويعد الرجاء الرياضي أكتر نادي مغربي تتويجا قاريا خلال ربع قرن الأخير بـ 6 ألقاب يليه الوداد بـ4 ألقاب من بينها لقبين لدوري أبطال إفريقيا ثم نهضة بركان بثلاثة والمغرب الفاسي بلقبين والفتح الرباطي والجيش الملكي بلقب واحد.

كما فازت الأندية المغربية بدوري أبطال القارة السمراء عامي 1999، و 2022 من خلال الرجاء والوداد، وفازت الأندية المغربية كذلك ببطولة الكونفدرالية الأفريقية 7 مرات في عهد الملك محمد السادس.

وظفر العداء المغربي سفيان البقالي بميدالية ذهبية في سباق 3 آلاف متر موانع ببطولة العالم لألعاب القوى التي احتضنتها مدينة يوجين الأمريكية، وبفضل هذا الإنجاز، تحصل سفيان البقالي على لقب أفضل رياضي في القارة السمراء من قبل الاتحاد الإفريقي لألعاب القوى.

إخفاق رياضي.. 13 ميدالية أولمبية فقط

رغم النجاحات والإنجازات والمشاريع المهيكلة التي أطلقها المغرب لتعزيز صورته الرياضية وتحسين نتائجه، إلا أن هذه الأخيرة ظلت حكرا بالدرجة الأولى على رياضة كرة القدم، حيث توالت الإخفاقات والنكسات في مختلف الأنواع الرياضية الأخرى سواء في بطولات العالم أو في الدورات الأولمبية المتعاقبة.

فعلى مدار ربع قرن في ظل حكم الملك محمد السادس شاركت المملكة المغربية في 7 دورات أولمبية باحتساب الدورة الحالية بالعاصمة الفرنسية باريس، لم يحقق فيها الأبطال المغاربة سوى 13 ميدالية أولمبية أغلبها في ألعاب القوى، ولم ينل المغرب سوى 3 ذهبيات، حيث فاز البطل هشام الكروج بذهبيتين في أولمبياد أثينا 2004، في مسابقتي الجري 1500 متر و5000 متر، كما فاز بـ 4 ذهبيات في بطولات العالم.

وتبقى دورة سيدني 2000 الأفضل في تاريخ مشاركات المغرب في الألعاب الأولمبية، فخلالها حصدت الرياضة المغربية 5 ميداليات، منها فضية واحدة و4 برونزيات، فيما حصد 3 ميداليات في دورة آثينا 2004 بذهبيتين لهشام الكروج وميدالية فضية لحسناء بنحسي في 800 متر.

واكتفت الرياضة المغربية في دورة بكين سنة 2008، بميداليتين، الأولى فضية كانت من نصيب جواد غريب، في سباق الماراثون، والثانية برونزية كانت من نصيب العداءة حسناء بنحسي في سباق 800 متر.

وفي دورة لندن سنة 2012، ورغم أنها  سجلت مشاركة المغرب بأكبر وفد في تاريخ مشاركاته في الأولمبياد، بوفد يضم 63 رياضيا ورياضية، من بينهم 30 عداء وعداءة، إلا أن البعثة المغربية اكتفت بالفوز بميدالية يتيمة، وكانت برونزية، فاز بها العداء عبد العاطي إيكيدر بصعوبة، في سباق 1500 متر.

وعلى غرار أولمبياد لندن، اكتفى المغرب في مشاركته في دورة ريو ديجانييرو في البرازيل سنة 2016، بميدالية يتيمة، فاز بها الملاكم محمد ربيعي في وزن 69 كلغ، مع العلم أن البعثة المغربية، ضمت 51 رياضيا ورياضية، في 13 لعبة.

وفي دورة طوكيو 2020، أنهى المغرب مشاركته في دورة الألعاب الأولمبية في المركز الـ 63، من أصل 86 بلدا حققوا ميدالية، إذ حققت العثة المغربية  المكونة من 48 رياضيا، ميدالية وحيدة ويتعلق الأمر بذهبية سفيان البقالي، عقب فوزه بسباق 3000 متر موانع.

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

حصاد الميركاتو.. الوداد يحدث ثورة تغييرات وصفقات قوية للجيش وبركان والرجاء

مونديال الفوتسال.. ثماني منتخبات تضمن تأهلها لدور ثمن النهائي

المغرب يحافظ على مركزه الـ14 في تصنيف الفيفا لشهر شتنبر