في الوقت الذي ترسم فيه الكرة المغربية ملامح عصر جديد من الاحتراف والتطور، يبدو أن حسنية أكادير قد اختار طواعية أن يكون خارج هذا السياق، مقدما مشهدا سرياليا من التراجع الإداري واللامبالاة. فبدلا من مواكبة النهضة الشاملة في التنظيم والتسويق والتواصل، تغرق “غزالة سوس” في عزلة مقلقة، تاركة وراءها جماهيرها في حيرة من أمرها، وفجوة عميقة بينها وبين واقع الأندية الحديثة.
مع انطلاقة الموسم الكروي الجديد، تتجسد الأزمة في أبسط صورها؛ فوضى عارمة. ففي يوم مباراته الأولى أمام اتحاد طنجة، لا يعرف الجمهور شكل القميص الرسمي الجديد، ولا توجد آلية واضحة للحصول على بطاقات الاشتراك الموسمية. هذا الفراغ ليس مجرد خطأ تقني، بل هو مؤشر صارخ على غياب الرؤية، ورسالة مباشرة للجماهير مفادها أنهم ليسوا ضمن أولويات النادي. إنها حالة من الإهمال تحول المشجع من شريك في النجاح إلى مجرد متفرج على العبث.
كان الموسم الماضي، الذي نجا فيه الفريق بأعجوبة من شبح الهبوط، بمثابة إنذار أخير. كان من المفترض أن تكون تلك التجربة القاسية نقطة تحول، تدفع الإدارة إلى ثورة تصحيحية شاملة. لكن ما حدث هو العكس تماما؛ فالأخطاء ذاتها تتكرر بإصرار عجيب، مما يؤكد أن المشكلة ليست في الإجراءات، بل في العقلية التي تدير النادي، وهي عقلية لا تتعلم من كوارثها ولا تستجيب لنبض المدرجات.
في كرة القدم الحديثة، لم تعد العلامة التجارية مجرد شعار، بل هي رأس المال الرمزي والتجاري للنادي. لكن في الحسنية، يبدو هذا المفهوم منعدما. الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي في حالة موت سريري، لا متجر رسمي لبيع منتجات الفريق، ولا أي مبادرة لتقوية الرابط التجاري والعاطفي مع الأنصار. إنها فرصة اقتصادية ومعنوية هائلة تُهدر يوميا، بينما تحولها الأندية المنافسة إلى مصدر قوة ودخل.
ما يمر به حسنية أكادير يتجاوز كونه سوء تسيير، ليصل إلى مرتبة “الخيانة” لتاريخ النادي ولشغف جماهيره. ففي زمن أصبح فيه النجاح منظومة متكاملة لا تقتصر على نتائج المباريات، يصر مسؤولو الحسنية على إدارة النادي بعقلية الهواية، فهم الآن أمام خياران لا ثالث لهما؛ إما الاستفاقة الفورية لإعادة النادي إلى مساره الصحيح، أو سيحكم عليهم التاريخ بأنهم أولئك الذين أطفأوا بريق “غزالة سوس” بأيديهم.