ذاكرة رياضية.. خلاصات فريدة في منجز اليازغي حول السياسة الرياضية بالمغرب

20 أبريل 2023 - 05:00

شكل كتاب السياسة الرياضية بالمغرب 1912-2012، مرجعا مهما لكل المنشغلين بتاريخ الرياضة الوطنية والتحولات التي شهدتها على مر التاريخ، كما ان هذا المنجز إسهام معرفي لإثراء الخزانة المغربية في مجال يفتقر للتأريخ والتأليف بإستثناء بعض المحاولات لعل ابرزها هذا الكتاب الذي يعد مرجعا مهما لفهم واقع الرياضة.

وخلص الكاتب في خاتمة كتابه بعد بحث شاق وعملية حفر مضنية إلى أن "القطاع الرياضي لم يحض بالأولوية سواء في الوقت الراهن أو حتى منذ الاستقلال إلى غاية الآن فمند 1960 لم تتعد ميزانية الجهاز الوصي 1 في المائة من الميزانية العامة للدولة سوى مرة واحدة كانت بمناسبة ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983 ، وضمن قانون المالية لسنة 2014 تراجعت النسبة إلى 0.41 في المائة، وهي الأضعف في العشر سنوات الأخيرة (2005- 2015)، علما أنها بلغت سنة 2010 نسبة 0.65 لتتراجع مجددا سنة 2015 إلى 0.51 في المائة".

وأضاف اليازغي، "وحتى والقطاع ينتعش في السنوات الأخيرة دعم مالي ترسانة قانونية جديدة، تغيير في الوزارة والجامعات الحديث عن استراتيجية 2020 ثم 2016...) فإنه لا يمكن المجازفة بالقول إن الرياضة تشكل أولوية بقدر ما هي ورش فتحه الملك بعد حوالي 10 سنوات من جلوسه على العرش، ولم يكن تأجيل التدخل الملكي الحاسم نتيجة غياب اهتمام من لدن أعلى سلطة بالبلاد بهذا القطاع وإنما بسبب وجود أولويات أخرى ذات حساسية وأهمية أكبر (البطالة والسكن والصحراء وتثبيت الحكم".

وتابع صاحب المؤلف، "من خلال ما سبق استعراضه في هذا البحث المتواضع تتضح خلاصة أساسية، وهي غياب سياسة عمومية من طرف الدولة في المجال الرياضي، وهو ما يعد في حد ذاته، ضمن أدبيات السياسات العامة سياسة وإقرارا من طرف الدولة التي تعمل على شرعنة اللافعل فإذا كانت ملامح سياسة عامة تتجلى في تحرك سلطة عمومية لحل مشكل قائم، فإن هناك تجليات أخرى من خلال صد المدخلات المطالبة بالتغيير. وكما يقول باشراش وباراتز (Bachchet Bratz) فإن توجه النظام إلى عدم الفعل يترجم قدرته على طمس بعض الرهانات من أجل ألا تتحول إلى مشكل قائم يتوجب مناقشته وإيجاد حلول له، بل إن السياسة، كما يقول باري وموريس are orris هي فعل متماسك. خلال تقنيات عدة من أجل الحيلولة دون أن يتحول مشكل ما إلى مشكلة عمومية تتطلب تدخل سلطة عمومية، فهناك أيضا اللاسياسة عمومية".

واوضح اليازغي في كتابه، "إلى جانب ذلك، تبرز أهمية تحقيق انسجام بين القوانين المنظمة للرياضة، إذ من غير المنطقي إشارة قانون التربية البدنية، على سبيل المثال، إلى دور الجماعات المحلية في دعم الرياضة، في الوقت الذي نجد فيه أن الميثاق الجماعي لا يشير إلى دور الجماعات المحلية في المجال الرياضي إلا من باب التخيير وليس الإلزام. وينضاف إلى ما سبق، وجود مسافة شاسعة بين الخطاب لدى الفاعلين والفعل وبالتالي كانت الرياضة دائما أمام خطابات تصريف أزمة والترويج لحلول فضفافة بعضها لم يطبق نتيجة إكراهات حقيقة، وبعضها الآخر جاء متماشيا مع تدبير حكومي يعتمد على منطق الأولويات".

وتابع، "ما سبق وضع المغرب أمام قطائع إبستيمولوجية، وبالتالي كانت الرياضة على مستوى التدبير تعود إلى نقطة الصفر مع قدوم مسؤول جديد ولا يتعلق الأمر هنا بتعدد المسؤولين وبفترات متقاربة بقدر ما يرتبط الأمر بغياب سياسة عمومية من طرف الدولة تجاه المجال الرياضي، ففرنسا شهدت بدورها تعاقب العديد من المسؤولين على القطاع وبعضهم لم يقض إلا وقتا قصيرا جدا، لكن ذلك لم يؤثر على السياسة الرياضية التي تم وضعها بما أن تغيير المسؤولين لم يؤثر على استقرار السياسة المرسومة سلفا، وأي وزير جديد تتحدد مهامه الأساسية في ضمان انسيابية تطبيق هذه السياسة".

وقال اليازغي في خاتمة كتابه، "ختاما، وحتى نضع أنفسنا في سياق التحولات الأخيرة التي شهدتها الرياضة المغربية في ظل توجيه ملكي صرف، فإن الملاحظ هو بداية الحديث رفقة كل من الوزيرين نوال المتوكل ومنصف بلخياط عن مصطلحات جديدة من قبيل التخطيط والاستراتيجيات والأهداف المحددة بجداول زمنية، وهو ما كان مغيبا إلى حدود سنة 2002 وبعض الشيء خلال تبعية الرياضة للوزير الأول ادريس جطو (2002 2007)، لكن تقييم هذه السياسات المعلنة مرتبط بثلاثة أمور أساسية، أولاها استمرار نفس السياسات بغض النظر عن تغيير أو إعفاء وزراي والحيلولة دون العودة إلى نقطة الصفر وتجدد الحديث عن استراتيجيات جديدة، وثانيها اقتناع الدولة بأهمية الموازنة بين الخطاب والفعل وبحتمية تحقيق حكامة كاملة في المجال الرياضي (وقف) منطق التعيين انتفاء الازدواجية في التعامل مع بعض الجامعات والجمعيات، تقنين واضح لعملية صرف موارد المؤسسات الرياضية، احترام القوانين الموجودة...) وبكون الرياضة تحولت إلى ضرورة إنسانية لا محيد عنها في سياسات الدولة".

واشار اليازغي في كتابه السياسية الرياضية بالمغرب، "وثالثها ترجمة مفهوم الممارسة الرياضية كمرفق عام على أرض الواقع خصوصا أن التعديل الذي لحق بقانون التربية البدنية -330-09 لسنة 2010 حمل لأول مرة إشارة واضحة على أن "التربية البدنية وممارسة الأنشطة الرياضية تدخل في إطار الصالح العام وتنميتها تشكل مهمة من مهام المرفق العام التي ينبغي على الدولة مع الأشخاص الآخرين الخاضعين للقانون العام أو القانون الخاص القيام به".

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

لجنة الاستئناف التابعة للـ “كاف” ترفض طلب الاستئناف وتؤكد القرارات السابقة للجنة الأندية

وسط استقبال جماهيري.. اتحاد العاصمة الجزائري يحل بمطار وجدة

متحف “الفيفا” بسويسرا يعرض خريطة المغرب كاملة بصحرائه (صورة)