على مدار عقود، مثلت الأندية الألمانية وجهة مفضلة للاعبين المغاربة، الذين نجحوا في ترك بصمات واضحة في البوندسليغا. هذه العلاقة الوطيدة بين الكرة المغربية والألمانية لم تكن صدفة، بل بنيت على قدرة اللاعبين المغاربة على التكيف مع الانضباط التكتيكي والمنافسة القوية التي تميز الدوري الألماني.
شهدت التسعينيات ظهور أسماء مغربية بارزة، على رأسها رشيد عزوزي الذي تألق مع دويسبورغ، وعبد العزيز حنفوف الذي خاض تجارب متعددة. لكن في العقد الأخير، تعزز الحضور المغربي بشكل لافت بفضل نجوم مثل أمين حارث الذي قدم مستويات مميزة مع شالكه، وأمين عدلي الذي سطع نجمه في باير ليفركوزن. كما أن تجربة أشرف حكيمي الناجحة مع بوروسيا دورتموند، والرحلة القصيرة لـنصير مزراوي مع بايرن ميونخ، أكدت على مكانة اللاعب المغربي في الأندية الأوروبية الكبرى.
ويُعتبر أيمن برقوق أيقونة حقيقية في هذا السياق، فهو أكثر لاعب مغربي خوضًا للمباريات في تاريخ البوندسليغا، بإجمالي 113 مباراة بحسب بيانات "ترانسفير ماركت". مسيرة برقوق المتنوعة، التي شملت أندية مثل آينتراخت فرانكفورت وشالكه وماينز، أكسبته خبرة واسعة وقدرة على التكيف مع مختلف التحديات التكتيكية، مما يجعله نموذجًا فريدًا للاعبين المغاربة في ألمانيا.
وإلى جانب برقوق، لا يمكن إغفال بصمات أخرى لنجم مثل عادل شيحي مع كولن، وياسين عبد الصادقي مع فرايبورغ. ومؤخرًا، انضم النجم الشاب بلال الخنوس إلى صفوف شتوتغارت، في خطوة مفاجئة قبل ساعات من إغلاق سوق الانتقالات الصيفية، ليحمل على عاتقه إرثاً كروياً غنياً وتحدياً جديداً في دوري الأضواء الألماني والدوري الأوروبي.
في المحصلة، تظهر التجربة المغربية في ألمانيا كقصة نجاح مستمرة عبر الأجيال، آخر فصولها صفقة بلال الخنوس. فبين الموهبة الفنية العالية والعقلية الاحترافية، أثبت اللاعب المغربي قدرته على تجاوز أصعب الظروف. وهذا التطور يمنح الأجيال الصاعدة دافعاً أكبر للسير على خطى من سبقوهم، وربما تجاوز إنجازاتهم، مما يبشر بمستقبل مشرق للكرة المغربية في أقوى الدوريات الأوروبية.
