في الوقت الذي تراهن فيه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على مشروع التكوين باعتباره ركيزة أساسية لتطوير كرة القدم الوطنية، يشهد سوق الانتقالات الصيفية الحالي انفجارًا غير مسبوق بعدما أقدمت الأندية على إبرام أكثر من مائة صفقة جديدة استعدادًا للموسم المقبل من البطولة الاحترافية 2025-2026.
هذا الرقم الكبير يطرح أكثر من علامة استفهام حول جدوى الاتفاقية التي وقعتها الجامعة الموسم الماضي مع المكتب الشريف للفوسفاط وعدد من الشركاء الخواص، والتي تروم تمويل وتطوير التكوين تنفيذًا لتوجيهات الملك محمد السادس الهادفة إلى الاستثمار في البنيات التحتية والعنصر البشري. فبينما كان المنتظر أن يمنح المشروع دفعة قوية لخريجي الأكاديميات، أعادت كثرة التعاقدات فتح الفجوة من جديد وهو ما يهدد فرص الشباب في كسب مكان داخل أنديتهم.
وتصدّر الجيش الملكي لائحة الانتدابات بـ 11 صفقة يليه أولمبيك آسفي بسبعة لاعبين جدد، فيما انخرطت أندية أخرى مثل الوداد والرجاء وحسنية أكادير في نفس السباق.
وعند استفسار بعض المدربين عن دوافع هذه الاختيارات برر البعض أن الانتدابات تمنح أفضلية للمنافسة القارية، بينما اعتبر آخرون أنها علاج سريع لجراح المواسم الماضية.
غير أن هذا التوجه، بحسب متابعين، قد يحمل انعكاسات سلبية على مستقبل التكوين إذ يجد العديد من المواهب الشابة نفسها خارج حسابات الأندية ما قد يدفعها للبحث عن فرص في دوريات عربية أخرى، في تناقض صارخ مع أهداف الاتفاقية المبرمة التي تؤكد على تكوين لاعبين شباب قادرين على التطور والوصول إلى أعلى المستويات.
وفي هذا الصدد وصف المحلل الرياضي إدريس خرامز، هذا الرقم المسجل، في تصريح خص به جريدة "العمق الرياضي"، بالكبير والمبالغ فيه مؤكداً أن هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم بل ثمرة سنوات لم تحسن فيها الأندية استغلال التكوين.
وقال خرامز إن نادراً ما نجد فريقاً يكتفي بانتداب لاعب أو اثنين في الميركاتو، فالكل يسعى وراء الكم وليس الكيف، وهذه أصبحت قاعدة سائدة في السنوات الأخيرة. ويرى أن هذا التوجه يمثل خطوة إلى الوراء، موضحًا أن بعض المدربين يفضلون العمل مع نوعية معينة من اللاعبين الجاهزين وهو ما يفسر هذا الكم الهائل من الصفقات.
وعن الاتفاقية المبرمة العام الماضي اعتبر خرامز أنها جاءت متأخرة نوعاً ما لكنها قد تحمل جانباً إيجابياً للأندية شريطة أن تستجيب الأخيرة لها بجدية. وختم تصريحه بالتأكيد على أن إنجاح مشروع التكوين يتطلب إرادة حقيقية من الأندية بعيداً عن منطق الصفقات المتتالية الذي قد يعرقل مسار اللاعبين الشباب ويضعف استراتيجية الإصلاح الكروي التي انطلقت في السنوات الأخيرة.