أثارت مباراة المنتخب الوطني المغربي أمام النيجر، يوم الجمعة الفارط، سجالاً حول ثقافة التشجيع التي يجب أن تسود في مقابلات "أسود الأطلس" داخل الملاعب المغربية، كما أحدثت نقاشا بشأن السلوك الذي ينبغي أن يحكم المناصرين الحاضرين في المدرجات، وعلاقته بالتأثير الذي يمكن أن يُلقيه على مردود لاعبي الفريق الوطني.
وبرز في هذه النقاشات جناحان متنافران من حيث الرؤية، إذ يعتبر التيار الأول أن المشجعين الذين يملكون "شرعية" التواجد في مقابلات النخبة الوطنية هم من يميلون إلى منح قوة دفع للاعبين ويتبنّون سلوكا حماسيا داخل المدرجات، بينما ترى الفئة الثانية أن حضور لقاءات المنتخب الوطني هو حق مكفول للجميع، ولا ينبغي حصره في خصائص معينة.
وبدا لافتا أن مباريات المنتخب المغربي في السنوات الأخيرة باتت تجذب الأسر والعائلات على نحو واسع، والتي غالبا ما تنزع نحو اعتماد أسلوب يكتفي بالمشاهدة، وهو ما يُحرّك حفيظة الجناح الثاني الذي يُشدّد على أن المدرجات يتعيّن أن تُشكّل منصة للتشجيع الحماسي الذي يمكن أن يساهم في تحقيق نتائج أفضل على أرضية الملعب.
وارتفعت شعبية "أسود الأطلس" لدى شتى فئات المجتمع المغربي بعد التألق في نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، الوصول إلى المربع الذهبي للمسابقة، في إنجاز غير مسبوق وطنيا وقاريا، مما جعل الإقبال على لقاءاتهم يشمل كافة الشرائح والطبقات.
وأصبح هذا السجال القائم بين الطرفيْن يحمل راهنية كبرى، قبل ثلاثة أشهر فقط من استضافة المغرب لنهائيات كأس أمم أفريقيا، مما يطرح أسئلة إزاء التصور المنشود حول سمات المشجع المغربي ومدى فعاليته في تحفيز اللاعبين ومساعدتهم على مجاراة الرهانات والاختبارات التي تنتظرهم في المسابقة.
وانخرط الناخب الوطني، وليد الركراكي، بشكل غير مباشر، في هذه المسألة، بعدما أدلى بتصريحات شدّد فيها على أن لاعبيه سيحتاجون إلى جماهير ستؤازرهم من المدرجات إلى آخر رمق، لافتا إلى أن النخبة الوطنية ستمر من وضعيات صعبة خلال المنافسة القارية القادمة ستظهر فيها الحاجة إلى المساندة القوية.
وقال الركراكي، على هامش التجمع الإعدادي الأخير لـ"الأسود"، الذي تخللته مقابلتا النيجر وزامبيا، ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2026: "سنحتاج إلى نوعية خاصة من الجماهير في كأس أفريقيا، ذلك أن المباريات لن تكون سهلة أبدا. على هؤلاء المناصرين أن يعرفوا أننا سنتعذب حتى آخر دقيقة، وأنهم ملزمون بمساندتنا إلى آخر رمق".
وأضاف قائد العارضة الفنية للكتيبة المغربية أن هدف التتويج بكأس أمم أفريقيا لن يتحقّق بمجهودات اللاعبين والطاقم التقني فقط، بل يمكن بلوغه بالجماهير وصيحاتهم ومؤازرتهم داخل الملعب.
وسيستضيف المغرب نهائيات كأس أمم أفريقيا ما بين الـ21 من دجنبر والـ18 من يناير القادميْن، بطموح التتويج باللقب الذي لم يزر خزانة الكرة الوطنية منذ سنة 1976، في سجل قاري متعارض مع النتائج التي حققها "الأسود" في نسخ كأس العالم.