اليازغي: الحكومات والأحزاب ظلمت العالم القروي.. والمونديال سيجبر المسؤولين على الالتفات للهامش

23 سبتمبر 2025 - 10:00

اعتبر الدكتور الباحث في السياسات الرياضية، منصف اليازغي، أن الحكومات السابقة والأحزاب ظلمت العالم القروي، معتبرا أن تنظيم المغرب لنهائيات كأس العالم سنة 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال فرصة للعدالة المجالية والالتفات للهامش على اعتبار أن المسؤولين سيكونون مجبرين، وفق تعبيره، على احترام وعودهم لـ"الفيفا"، محذرا من مصير الملاعب المشيدة بعد انتهاء المحفل العالمي.

وقال اليازغي، في مداخلة له خلال ملتقى شبيبة العدالة والتنمية: "التنمية ستمس المدن المنظمة للمونديال بالدرجة الأولى، وهذا واقع لا يمكن إنكاره، ومع ذلك فعندما عُرض الملف كاملاً حول المخططات المرتبطة بالمونديال، جاء التعقيب الملكي واضحاً بأن يشمل التأهيل 32 مدينة، وليس فقط 6 مدن وقد تكون هذه المدن مرتبطة بمجالاتها القروية، والمؤكد أن الأمر يتعلق ببرنامج تأهيلي واسع ولا يمكن أن يكون مستوى التأهيل في الرباط أو الدار البيضاء مماثلاً لمدن مثل جرادة أو وجدة وهذا أمر طبيعي ومنطقي".

وأضاف متسائلا: "هل المونديال فعلاً في صالح المغرب وهل له عوائد إيجابية عكس ما يظنه البعض؟. المغرب تقدّم لأول مرة بطلب استضافة كأس العالم سنة 1988 لدورة 1994، أي أن الرغبة في استضافة هذا الحدث ليست جديدة، قد يقول البعض إنه مجرد وسيلة سياسية للتغطية على أزمات داخلية، أو قد يكون شغفاً رياضياً أصيلاً، الراحل الحسن الثاني، مثلاً، كان معروفاً بشغفه بكرة القدم لدرجة أنه كان يتدخل أحياناً في تعيين المدربين وحتى في اختيارات اللاعبين".

كما تطرق اليازغي لمصير الملاعب المشيدة بعد مونديال 2030 محذرا من تكرار ما عاشته جنوب إفريقيا والبرازيل بالقول: "جنوب إفريقيا فكرت في هدم أحد الملاعب بعد كأس العالم لأن تكلفة صيانته تجاوزت تكلفة بنائه، وفي البرازيل، بعض الملاعب تحولت إلى محطات حافلات أو قاعات لحفلات الأعراس بعد انتهاء المونديال، خاصة تلك الموجودة في مدن بلا فرق كبيرة وهذا يطرح إشكالات حقيقية، لكن من جهة أخرى، لا يمكن أن نحصر الأمر في نصف الكأس الفارغ فقط، هناك مكاسب محتملة.

وأضاف: "قطر أنفقت 220 مليار دولار على تنظيم المونديال، لكن قوتها المالية لا تقارن بالمغرب، لقد حوّلت قطر مدينة صغيرة هي الدوحة إلى قبلة دولية. فقد أنفقت 220 مليار دولار على تنظيم المونديال، منها 8 مليارات فقط على الملاعب، بينما خُصص الباقي لتأهيل البنية التحتية للمدينة ونحن لسنا قطر، فحجمها يعادل تقريباً مدينة الدار البيضاء أو جهتها فقط، بينما المغرب بلد واسع يمتد على مساحة شاسعة ويتميز بتنوع ثقافي وجغرافي كبير ووجود فوارق مجالية أمر لا يمكن إنكاره".

وتابع: "إذا علمنا أنه حتى في حال لم ينظم المغرب المونديال فالأمور ستبقى كما هي عليه، فإنني أطرح السؤال: هل من الأفضل أن ينظم المغرب المونديال وترتقي بنيته التحتية في بعض مناطقه، أم أن لا ينظمه ويبقى الوضع على ما هو عليه؟، لأن الدولة، في حال لم تستضف هذا الحدث لن تكون مضطرة للوفاء بالتزامات قاسية تفرضها "الفيفا" عبر دفتر تحملات صارم وشروط دقيقة، فالحكومات السابقة لم يكن أحد يحاسبها بجدية، لأن لدينا برلماناً ضعيفاً جداً في هذا الباب، أما الآن، فهناك جهة كبرى اسمها "الفيفا" تراقبك وتحاسبك حتى على أدق التفاصيل في المطارات أو محطات القطارات وغيرها".

وتساءل في الصدد: "هل نسير على المنوال المعتاد كما في السنوات الماضية من دون تغيير، أم نجعل المونديال فرصة لتحقيق التنمية، وإن كانت تنمية بشروط قاسية؟"، كما ذكر اليازغي بأطروحة محمد قعش، الخبير في التدبير الرياضي، حيث قدّم دراسة دقيقة وموثقة قال فيها إن تنظيم المغرب للمونديال سيجعله يكسب 14 سنة من التنمية، أي أن ما يحتاج في الظروف العادية إلى 20 سنة من الإنجاز، سينجز في 6 سنوات فقط، وفق تعبيره.

وزاد قائلا: "ماذا لو كانت الأصوات المعارضة للمونديال وسيلة لدفع هذه الحكومة أو الحكومات المقبلة إلى التفكير بعمق، والانسجام مع ما جاء في الخطاب الملكي حول "مغرب يسير بسرعتين"؟، قد يكون المونديال، حتى وإن رفضه البعض، وسيلة للالتفات إلى الفوارق المجالية وإلى العالم القروي أيضاً".

واعتبر الباحث في السياسات الرياضية أن "الحكومات السابقة كلها ظلمت العالم القروي"، ملفتا أنه "حتى الأحزاب التي كانت تستعمله في خطابها الأيديولوجي والانتخابي لم تتعامل معه كبرنامج عمومي، بل استغلته كأداة لجلب الأصوات، وفق تعبيره، وهذا ما جعل الوضع الحالي ليس مسؤولية حكومة بعينها، بل مسؤولية جماعية لكل من تعاقب على التدبير الحكومي".

وأضاف: "نموذج قطر ينبغي أن نستخلص منه بعض الدروس، فحين نظمّت المونديال، راج الحديث عن تفكيك ملاعبها، بل قيل إن المغرب يريد الاستفادة من ملاعب مثل "الثمامة" أو غيرها، لكن الحقيقة أن قطر لم تفكك ملعباً واحداً، بل دخلت في استراتيجية لاستثمارها وتنظيم ملتقيات دولية أخرى بها".

وأكمل: "تكمن المسؤولية والامتحان بالنسبة للمغرب بأن يُبدع مسؤولوه في استثمار هذه الملاعب بعد المونديال، حتى لا تتحول إلى فضاءات مهجورة أو مأوى للحمام بل يجب أن تُوظف هذه المنشآت لتصبح مراكز سياحية وفضاءات للندوات ومتاحف، أو مراكز للأنشطة الرياضية والثقافية، عندها فقط يمكن أن نقول إن المغرب لم يخطئ في تنظيم المونديال، بل نجح في تحويله إلى رافعة للتنمية الشاملة التي نطمح إليها جميعاً".

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

دراسة.. “الضربات الرأسية” تؤثر على الذاكرة والتفكير

الدفاع الحسني الجديدي يُعلن استقبال الرجاء بملعب “أحمد شكري”

الكعبي: سعيد باختياري كأفضل لاعب أجنبي في اليونان.. وأشكر زملائي وزوجتي على الدعم