ذاكرة رياضية: سعيد بلقولة.. الحكم العربي والإفريقي الوحيد الذي أدار نهائي كأس العالم

17 أبريل 2023 - 11:00

كثيرة هي الأحداث والمباريات التي طبعت التاريخ الرياضي على الصعيدين الرياضي والدولي، والتي كان لها أثر واضح وظلت محفورة لسنوات طويلة في ذاكرة كل متتبع للشأن الرياضي.

في هذه الحلقة من برنامج “ذاكرة رياضية” نعود بكم إلى أحد أبرز الأحداث في تاريخ التحكيم المغربي، حين قاد الحكم المغربي، سعيد بلقولة، نهائي كاس العالم لسنة 1998 بين فرنسا والبرازيل، ليكون بذلك الحكم العربي والإفريقي الوحيد الذي يدير نهائي المحفل العالمي.

شغف التحكيم

ولد سعيد بلقولة في 30 غشت سنة 1956 في مدينة تيفلت وترعرع في كنف أسرة متواضعة، ولم يمنعه شغفه بكرة القدم من مواصلة التحصيل الدراسي إلى أن تخرج من الجامعة وعين مفتشا في إدارة الجمارك المغربية.

موازاة مع ذلك، التحق بلقولة بمدرسة تأهيل الحكام سنة 1983، حيث تدرج من حكم الأحياء إلى أن عين حكما رئيسيا في الدوري المغربي عام 1990.

نجح بلقولة، 3 سنوات بعد ذلك، في الحصول على الشارة الدولية للفيفا، وقاد بعد ذلك أول مباراة له على المستوى الإفريقي بين غوريه السنغالي وفورادات الغاني ضمن بطولة كأس الكؤوس الأفريقية.

وفي سنة  1995، استدعي بلقولة لماليزيا لقيادة التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى أولمبياد أتلانتا، ثم قاد بعض مباريات دورة فرنسا الرباعية عام 1997.

حنكة وبراعة بلقولة قادته سنة 1998 إلى تعيينه من طرف الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لإدارة نهائي كأس أمم إفريقيا ببوركينا فاسو بين منتخبي جنوب إفريقيا ومصر.

تجربة المونديال ومؤامرة ضد المغرب

اختير الحكم المغربي سعيد بلقولة من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم ضمن الأطقم التحكيمية لمونديال فرنسا، حيث أدار مباراتين في الدور الأول، جمعت الأولى بين ألمانيا والولايات المتحدة والثانية بين الأرجنتين وكرواتيا.

في الوقت ذاته، كان المنتخب المغربى يقدم عروضا مبهرة فى مونديال فرنسا 1998 بفضل نجومه اللامعين آنذاك أمثال مصطفى حجي، يوسف شيبو، صلاح الدين بصير والقائد نور الدين نايبت وغيرهم، وكان قريباً من تكرار إنجاز الصعود للدور الثاني كما حدث فى مونديال 1986، إلا أن مؤامرة مثيرة للجدل حدثت فى اللحظات الأخيرة لتحرمه من ذلك.

قبل خوض الجولة الثالثة من دور المجموعات، كان المنتخب المغربي هو الأقرب لحصد بطاقة الصعود الثانية لدور الـ16، نظرا لأنه كان سيواجه اسكتلندا أضعف منتخب في المجموعة، بينما كان النرويج سيصطدم بالبرازيل، الذي يريد أن يحقق العلامة الكاملة.

نجح المنتخب المغربي بالفعل فى اكتساح أسكتلندا، وفاز عليها بثلاثية نظيفة في مباراة الجولة الأخيرة، فى حين أن المنتخب البرازيلى كان قد تقدم بهدف بيبيتو من رأسية رائعة على النرويج فى الدقيقة 78، وكانت الأمور تسير بهذا الشكل فى اتجاه تأهل أسود الأطلس.

بدأت المؤامرة وتغير كل شيء فى 10 دقائق فقط، فرغم أن منتخب السامبا كان متقدماً على النرويج، إلا أنه فتح دفاعاته بشكل غريب، ونجح المنتخب النرويجي فى تسجيل هدف التعادل فى الدقيقة 83، عن طريق توري أندري فلو، قبل أن يضيف الهدف الثاني فى الدقيقة 89 من ركلة جزاء، لتفوز النرويج بالمباراة، وتتأهل لدور الـ16 مع البرازيل، وينتهي الحلم المغربي بطريقة مثيرة للجدل، اعتبرتها وسائل الإعلام أنها من أغرب المؤامرات التي حدثت فى تاريخ كأس العالم.

تعيين بلقولة للنهائي ورفض البرازليين له

شكل اختيار الاتحاد الدولي لكرة القدم للحكم المغربي منعطفا في تاريخ التحكيم العربي والأفريقي، في وقت اعتبر كثيرون هذا التعيين جاء ليعوض المغاربة على حسرة ضياع تأهل منتخبهم الوطني إلى الدور الثاني من البطولة.

عارض المنتخب البرازيلي تعيين الحكم المغربي خوفا من تحيزه للمنتخب الفرنسي "انتقاما" لخروج منتخب بلاده من البطولة.

أدار سعيد بلقولة المباراة النهائية التي ضمت نجوما كبار كزين الدين زيدان، جوركاييف، رونالدو وروبرتو كارلوس، بحنكة كبيرة وفرض صرامته على اللاعبين، إذ طرد المدافع الفرنسية مارسيل ديسايي بعد تدخل عنيف، أمام أنظار الرئيس الفرنسي.

حظي الحكم المغربي بتنويه خاص من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، في ذلك الوقت، السويسري جوزيف بلاتر والرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك الذي تابع النهائي من المنصة الشرفية.

مرض وموت مفاجئ

بعد العودة من موندايل فرنسا، تعاقد الاتحاد الياباني مع سعيد بلقولة لتكوين الحكام اليابانيين لمدة ثلاث سنوات، غير أن المرض أرغم الحكم المغربي على العودة إلى المغرب أشهرا قليلة بعد توقيعه.

في منتصف شهر يونيو عام 2002، نال المرض من بلقولة وأعلن عن وفاته بالرباط عن عمر يناهز 45 عاما، ما خلف حزنا عميقا داخل الأوساط الرياضية والدولية، خاصة أن وفاته تزامنت مع نهائيات كأس العالم لسنة 2002 بكوريا الجنوبية واليابان.

شارك المقال مع أصدقائك

شارك برأيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

لقجع: ودعنا “الكان” مبكرا بسبب خصوصية الكرة الإفريقية.. ولم ندخل ذهنيا في البطولة بشكل جيد

لقجع: الأجواء السلبية دفعتني لتعويض حليلوزيتش بالركراكي.. ومونديال 2030 يفوق الحسابات الضيقة

كلوب: “المشكلة بيني وبين صلاح سُوّيت نهائياً”