لم تكن بطولة إفريقيا للاعبين المحليين "الشان" مجرد مسابقة قارية عابرة، بل تحوّلت إلى منصة حقيقية لصناعة النجوم وفتح أبواب المجد أمام لاعبين انطلقوا من الملاعب المحلية نحو الاحتراف الأوروبي والتألق الدولي. أحد أبرز هؤلاء هو أيوب الكعبي، الذي دوّن اسمه بحروف من ذهب في سجل البطولة، وواصل بعد ذلك مسيرة لامعة جعلته من رموز الكرة المغربية الحديثة.
ففي نسخة 2018 من "الشان"، نجح الكعبي في تحقيق إنجاز غير مسبوق بتسجيله 9 أهداف في 5 مباريات، من بينها ثلاثية تاريخية أمام منتخب غينيا، أبهرت الجمهور المغربي والعربي على حد سواء. لم يكن مجرد هداف، بل كان ماكينة تهديفية تجمع بين القوة البدنية والدقة الفنية والسرعة في التنفيذ. وبهذا التألق قاد المنتخب المغربي للتتويج باللقب على أرضه، وفتح أمامه باب الاحتراف الواسع.
لاحقًا، صرّح الكعبي قائلاً: "بطولة الشان كانت أبرز محطة في حياتي... لقد غيرت مساري المهني بالكامل"، في إشارة إلى التحوّل الجذري الذي عرفته مسيرته عقب تألقه في هذه البطولة. وبالفعل، واصل الكعبي مسيرة النجاح، حيث بات الهداف التاريخي للمنتخب المغربي المحلي، والهداف التاريخي أيضًا للبطولة نفسها.
مسيرته مع نادي أولمبياكوس اليوناني شهدت بدورها لحظات ذهبية، إذ أصبح الهداف التاريخي للنادي في المسابقات الأوروبية برصيد 23 هدفًا، وسجل رقماً لافتاً بلغ 16 هدفًا في موسم واحد من المنافسات الأوروبية، وهو إنجاز غير مسبوق لأي لاعب مغربي. كما توج بعدة ألقاب: كأس العرش المغربي، الدوري المغربي، الدوري اليوناني، كأس اليونان، ودوري المؤتمر الأوروبي، ليصبح نموذجًا حيًا لقيمة "الشان" كمنصة لصناعة الأساطير.
لكن الكعبي ليس وحده من خطف الأضواء في هذه البطولة، فاللاعب سفيان الرحيمي بدوره تألق بقميص المنتخب المحلي، وساهم في إحراز اللقب، بعد أن سجل 5 أهداف، ولفت الأنظار بمراوغاته وقدراته الفنية العالية، ما جعله من بين أبرز المواهب المغربية الصاعدة.
في تاريخ البطولة الممتد لـ15 سنة، لم ينجح سوى 3 لاعبين فقط في تسجيل "هاتريك" (ثلاثة أهداف) في مباراة واحدة، ما يبرز فرادة الإنجاز الذي حققه الكعبي. وهو إنجاز يترجم روح البطولة، التي لا تقتصر على التنافس على الكأس، بل تقدم فرصة نادرة للاعبين المحليين لفرض أسمائهم على الساحة القارية والعالمية.
